السبت، 14 نوفمبر 2009

قاتل الله الشقاق و النفاق و سؤ الأخلاق

نعيش هذه الأيام صورة جديدة قديمة من مأسي الشقاق و النفاق و سؤ الأخلاق. صورة تحرق من سؤها الأخضر و اليابس، و تحصد الأرواح البريئة بدم بارد، و ضمير ميت. تروع الأمنين و تهدر العدة و العتاد، تشتت الجهود، و تزيد جسد الأمة الإسلامية جراحاً على جراح. تشمت بها الأعداء، و تسارع بمقدراتها إلى مهاوي الردى. توقض الفتنة و قد علمت أن الله و ملائكته و رسله و صالح المؤمنين قد لعنوا و مقتوا من أيقض الفتنة. تتمثل هذه الصورة في فئة نسبوا أنفسهم و باعوها للشيطان الإنسي قبل الشيطان الجني، و انساقوا في دروب الشقاء، و سارعوا بأنفسهم إلى سؤ المصير. دخلوا مع أنفسهم و أهليهم و جيرانهم في حرب لا هوادة فيها، يؤمنون بعدالتها حسب تعليمات شياطين الأنس و الجن و حسب ما تأمرهم به أحلامهم المشوشه، و أفهامهم السقيمة. يخوضون حربا أول نتائجها أن رماحها ترتد عليهم، و تشرب من دمائهم حتى الثمالة. و من بعد ذلك يعيش من بقي منهم على قيد حياة شقية مريرة بحسرة الأسى و الأسف حينما يتخلى عنهم شياطين الإنس و الجن، و يولون مدبرين و على السنتهم قول إبليس يوم بدر للمشركين و هو يهرب و لا يلوي على شي إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العامين. و ربما يو م القيامة يكونون مع من يقوم فيهم إبليس خطيباً على جمرة من النار و يعلن براءته و هو إبليس منهم، فهم لغبائهم و شقاقهم و سؤ أخلاقهم قد استجابوا له في حياتهم الدنيا. فكان مصيرهم و إياه عذاب جهنم و بئس المصير.
كتبه محب الخير للناس كل الناس: أبو ياسر

فن التطنيش لمن أراد أن يعيش مقال للشيخ الدكتورعائض القرني

فن التطنيش لمن أراد أن يعيشد.
قال أحد الصالحين: طنش تعش تنتعش، ومعنى ذلك أن لا تبالي بالحوادث والمنغصات، وقد سبق إلى ذلك زميلي وصديقي الدكتور أبو الطيب المتنبي، حيث يقول: فعشت ولا أبالي بالرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي وأنت إذا ذهبت تدقق خلف كل جملة وتبحث عن كل مقولة قيلت فيك وتحاسب كل من أساء إليك، وترد على كل من هجاك، وتنتقم من كل مَنْ عاداك، فأحسن الله عزاءك في صحتك وراحتك ونومك ودينك واستقرار نفسك وهدوء بالك، وسوف تعيش ممزقاً قلقاً مكدراً، كاسف البال منغص العيش، كئيب المنظر سيئ الحال، عليك باستخدام منهج التطنيش، إذا تذكرت مآسي الماضي فطنش، إذا طرقت سمعك كلمة نابية فطنش، وإذا أساء لك مسيء فاعف وطنش، وإذا فاتك حظ من حظوظ الدنيا فطنش، لأن الحياة قصيرة لا تحتمل التنقير والتدقيق، بل عليك بمنهج القرآن: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).سبّ رجل أبا بكر الصديق فقال أبو بكر: سبُّك يدخل معك قبرك ولن يدخل قبري، الفعل القبيح والكلام السيئ والتصرف الدنيء يُدفن مع صاحبه في أكفانه ويرافقه في قبره ولن يُدفن معك ولن يدخل معك، قال العلامة عبد الرحمن بن سعدي: وأعلم أن الكلام الخبيث السيئ القبيح الذي قيل فيك يضر صاحبه ولن يضرك، فعليك أن تأخذ الأمور بهدوء وسهولة واطمئنان ولا تُقِم حروباً ضارية في نفسك فتخرج بالضغط والسكري وقرحة المعدة والجلطة ونزيف الدماء، لقد علمتنا الشريعة الإسلامية أن نواجه أهل الشر والمكروه والعدوان بالعفو بالتسامح والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه، والهجر الجميل الذي لا أذى فيه، والصفح الجميل الذي لا عتب فيه، إذا مررت بكلب ينبح فقل: سلاما، وإذا رماك شرير مارد بحجر فكن كالنخلة أرمه بتمرها، إن أفضل حل للمشكلة أن تنهيها من أول الطريق، لا تصعّد مع من أراد التصعيد، انزع الفتيل تخمد الفتنة، صب على النار ماءً لا زيتاً لتنطفئ من أول وهلة، ادفع بالتي هي أحسن وتصرف بالأجمل وأعمل الأفضل وسوف تكون النتيجة محسومة لصالحك؛ لأن الله مع الصابرين ويحب العافين عن الناس وينصر المظلومين، إننا إذا فتحنا سجل المشكلات وديوان الأزمات ودفتر العداوات فسوف نحكم على أنفسنا بالإعدام، انغمس في عمل مثمر مفيد يشغلك عن الترهات والسفاهات والحماقات، إذا رفع سفيهٌ صوته بشتمك فقل له: سلام عليكم ما عندنا وقت، إذا نقل لك غبي تافه كلاماً قبيحاً من شخص آخر فقل له: سلام عليكم ما سمعنا شيئاً، إذا تذكرت أنه ينقصك مال أو عندك أزمة أو عليك دين فتذكر النعم العظيمة والكنوز الكبيرة التي عندك من فضل الله من سمعٍ وبصر وفؤاد وعافية وستر وأمن ودين وذرية وغير ذلك لتجد أن الكفة تميل لصالحك، وأن المؤشر الأخضر يبشرك أن النتيجة تدل على أرباحك ونجاحك وفوزك، أفضل رد على النقّاد والحسّاد هي الأعمال الجليلة والصفات النبيلة والأخلاق الجميلة، أما المهاترات والسباب فهذا شأن كلاب الحارة، والله يقول في وصف النبلاء الأبرار: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)، ونعود إلى أبا الطيب المتنبي ليقول لنا: لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ فلو ذهبنا نرمي الكلاب إذا نبحتنا بحجارة فسوف يرتفع سعر الحجارة ولا نستطيع شراءها، ويقول الشاعر سعد بن جدلان (بالشعبي): وأنت لو حصّلت لك في الزمن وجهٍ غريبْ مثلْ ما قال المثل: دام تمشي مشّها