المَطْلَب من الحياة
لا يمكن أن يعيش الإنسان بدون أن يكون له مطلب أعلى في الحياة، فليس هناك من البشر من يعيش بدون مطلب أعلى خاص به، هذا المطلب، هو الغاية التي تظل تحت مظلتها كل أهداف الإنسان وأفعاله وأقواله، التي يسعى إلى تحقيقها في حياته .
وقد تتضح الغاية وتتحدد، وهي تمثل المطلب عند الإنسان ، وقد تكون مبهمة وغير محددة، وقد تكون غايته غايةً مُضلّة، وقد تكون الغاية هادية لصاحبها.
* تزيد سعادة الإنسان وتسمو كلما تحددت غايته من الحياة واتضحت، وتزداد سعادته كل ما كانت غايته هادية له غير مُضلة، وتتم السعادة كلما إستطاع الإنسان أن يعيش بهذه الغاية، لا يمنعه منها أحد، نظام أو حاكم .
* ويشقى الإنسان كلما كانت غايته في الحياة ومن الحياة مبهمة، ويزيد شقاؤه كلما زاد عمره بها، ويتم شقاؤه عندما يموت وهو لم يتعرف على غاية محددة له في الحياة يُدرج أعماله تحت مظلتها، ويفني عمره في سبيلها .
* أما إن كانت الغاية محددة المعالم ولكنها مُضلة، فهي خير من أن تكون غير محددة، لأنها ستكون غير محددة ومُضلة في آن واحد .
والغاية في الدنيا غايتان، لا ثالث لهما عند الإنسان، والتي من خلالهما يسعى لتحقيق سعادته، فالغاية الأولى هي عقيدة الإنسان بتحقيق أكبر نصيب من المتع الجسدية في الحياة من الأموال والشهوات، بكافة ألوانها وأنواعها، وفيها تكون نفس الإنسان لذاته هي الأهم والأعظم والأجدر بكل خير في هذه الحياة الدنيا، وما دون ذاته ليس لها أي إحترام أو قيمة أو إعتبار، فتكون هذه هي عقيدته وهي موطن سعادته وهي إلهه، وبها يرسم أهدافه وعلمه وعمله وعلاقاته، هذه الغاية غالباً أو دائماً ما تكون عند صاحبها رافضة للإيمان بوجود خالق لهذا الكون ومشرّع لحياة الإنسان. والحياة الغربية في العالم اليوم أعظم مثال ودليل على هذه الفكرة. هذه الغاية الرافضة أصلاً وفرعاً أن يكون للدين أي سبيل في تقرير حياة الإنسان وسلوكه، قد كانت وأصبحت هي المطلب الأعظم لكل الدول الغربية ومجتمعاتهم وأفرادهم .
أما الغاية الثانية فهي في إتجاه آخر تماماً ومخالفةٌ لما ذكرنا، حيث يسعى الإنسان لتحقيق سعادته من خلال جعل بلوغ رضوان الله سبحانه وتعالى هو الغاية التي يعيش من أجلها وفي ظلها، فيعيش الإنسان مستشعراً رضى الله ومحبتِه ورحمتِه في كل فعل يفعله، وفي كل علم يطلبه، وفي كل سلوك يسلكه في الحياة، يقوم به طالما أن هذا يوافق طاعة الله ورسوله محمد r، حتى لو كان هذا الفعل يجلب عليه من التكاليف والمشاق ما يستطيع أن يكون في غنى عن فعله لو كانت غايته غير غايته.
هذه الغاية هي عقيدة صاحبِها وموطن سعادته، وهي المطلب الأعظم له في حياته ودون مماته وفي دعوته، وهي التي بها تستقيم أمورُه، أو بدونها تَفْسَدُ حياتُه .
وقد أوجد الإسلام هذا المطلب في نفس كل من يدخل الإسلام ويشهد الشهادتين، حتى بات هذا المطلب ينصهر مع روح كل مسلم بشكل تلقائي، وذلك لأن الدخول في هذه العقيدة يستند إلى الإيمان العقلي المستند إلى الحواس الخمس، والذي لا يدع مجالاً للشكوك في حقيقة وجود الله وفي أمر رسالته إلى الناس .
إلا أن هذه المطلب الأعظم وهو دين الله ورسالته، والحكم بما أنزل على سيدنا محمد r، وبالكيفية التي أورثها رسول الله r للمسلمين بعد وفاته في صورة دولة خلافة تحكم بما أنزل الله، أصبح هذا المطلب الأعظم للمسلمين مغيّباً، بل ولم يعد هو المطلب الأعظم، ولم يعد حتى المطلب الأدنى، أو لم يعد هو المطلب أصلاً، بل غلب على المسلمين المطلب الذي فرضته السعادة بالمفهوم الغربي، الذي يقول بأن يغرف المسلم من المتع الجسدية له ولأبنائه ما يشاء، تاركاً وراء ظهره المطالب الشرعية التي تأمره بطلب العلم الشرعي، والدعوة والعمل لأن يكون الحكم بما أنزل الله، والعمل على إنكار ما دون ذلك من الأحكام في عظائم الأمور أو سفاسفها .
ولقد تم الإخلال بهذا المطلب، وتم إحراف المسلمين عنه بفضل النجاح الباهر الذي سجله الحكام اليوم، الذين لا يحكمون بما أنزل الله، هم وأعوانهم من علماء السوء ومدرسي المدارس بكافة صفوفها، وبفضل دكاترة الجامعات والمثقفين العلمانيين (الكفار)، حيث نجحوا في إحراف المطلب أو إلغائه أو توجيهه عما ذكرنا في عقول أبنائنا، وفي عقول شبابنا وشيبنا ونسائنا .
فإن جئنا نستطلع المطلب في الحياة في عقول المسلمين اليوم، لما وجدنا إلا المطالب التي تتحدث عن بلوغ المناصب أو الشهادات العليا، أو تربية الأبناء لدخول الجامعة وحصولهم على الوظائف وتزويجهم، وتجميع الأموال وشراء الأراضي أو البيوت، أو إقامة المشاريع التجارية، وتوفير وسائل الترويح عن النفس بأشكالها وألوانها في البلاد السياحية المختلفة، حتى ينتهي مشهد المسلم بموتٍ هانيء في أحد الفلل أو القصور، أو حتى في أحد الدور، ولكن بعد أن يزفر زفرات الموت الأخيرة، وهو يفاخر للناس ويُشهدهم بما وفره لأبنائه وزوجه من خير، محققاً لنفسه ولهم كما يظن أعظم المطالب.
لذلك يجب أن يراجع المسلمون غايتهم من هذه الحياة، ويصححوا مطلبهم، ويعيدوا رسم أفعالهم وأقوالهم وحياتهم بما يتوافق مع المطلب الحقيقي، الذي يُنجيهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، كما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله محمد r .
قال الله تعالى في سورة هود 15-16
مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
وقال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء 19
وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا
لا يمكن أن يعيش الإنسان بدون أن يكون له مطلب أعلى في الحياة، فليس هناك من البشر من يعيش بدون مطلب أعلى خاص به، هذا المطلب، هو الغاية التي تظل تحت مظلتها كل أهداف الإنسان وأفعاله وأقواله، التي يسعى إلى تحقيقها في حياته .
وقد تتضح الغاية وتتحدد، وهي تمثل المطلب عند الإنسان ، وقد تكون مبهمة وغير محددة، وقد تكون غايته غايةً مُضلّة، وقد تكون الغاية هادية لصاحبها.
* تزيد سعادة الإنسان وتسمو كلما تحددت غايته من الحياة واتضحت، وتزداد سعادته كل ما كانت غايته هادية له غير مُضلة، وتتم السعادة كلما إستطاع الإنسان أن يعيش بهذه الغاية، لا يمنعه منها أحد، نظام أو حاكم .
* ويشقى الإنسان كلما كانت غايته في الحياة ومن الحياة مبهمة، ويزيد شقاؤه كلما زاد عمره بها، ويتم شقاؤه عندما يموت وهو لم يتعرف على غاية محددة له في الحياة يُدرج أعماله تحت مظلتها، ويفني عمره في سبيلها .
* أما إن كانت الغاية محددة المعالم ولكنها مُضلة، فهي خير من أن تكون غير محددة، لأنها ستكون غير محددة ومُضلة في آن واحد .
والغاية في الدنيا غايتان، لا ثالث لهما عند الإنسان، والتي من خلالهما يسعى لتحقيق سعادته، فالغاية الأولى هي عقيدة الإنسان بتحقيق أكبر نصيب من المتع الجسدية في الحياة من الأموال والشهوات، بكافة ألوانها وأنواعها، وفيها تكون نفس الإنسان لذاته هي الأهم والأعظم والأجدر بكل خير في هذه الحياة الدنيا، وما دون ذاته ليس لها أي إحترام أو قيمة أو إعتبار، فتكون هذه هي عقيدته وهي موطن سعادته وهي إلهه، وبها يرسم أهدافه وعلمه وعمله وعلاقاته، هذه الغاية غالباً أو دائماً ما تكون عند صاحبها رافضة للإيمان بوجود خالق لهذا الكون ومشرّع لحياة الإنسان. والحياة الغربية في العالم اليوم أعظم مثال ودليل على هذه الفكرة. هذه الغاية الرافضة أصلاً وفرعاً أن يكون للدين أي سبيل في تقرير حياة الإنسان وسلوكه، قد كانت وأصبحت هي المطلب الأعظم لكل الدول الغربية ومجتمعاتهم وأفرادهم .
أما الغاية الثانية فهي في إتجاه آخر تماماً ومخالفةٌ لما ذكرنا، حيث يسعى الإنسان لتحقيق سعادته من خلال جعل بلوغ رضوان الله سبحانه وتعالى هو الغاية التي يعيش من أجلها وفي ظلها، فيعيش الإنسان مستشعراً رضى الله ومحبتِه ورحمتِه في كل فعل يفعله، وفي كل علم يطلبه، وفي كل سلوك يسلكه في الحياة، يقوم به طالما أن هذا يوافق طاعة الله ورسوله محمد r، حتى لو كان هذا الفعل يجلب عليه من التكاليف والمشاق ما يستطيع أن يكون في غنى عن فعله لو كانت غايته غير غايته.
هذه الغاية هي عقيدة صاحبِها وموطن سعادته، وهي المطلب الأعظم له في حياته ودون مماته وفي دعوته، وهي التي بها تستقيم أمورُه، أو بدونها تَفْسَدُ حياتُه .
وقد أوجد الإسلام هذا المطلب في نفس كل من يدخل الإسلام ويشهد الشهادتين، حتى بات هذا المطلب ينصهر مع روح كل مسلم بشكل تلقائي، وذلك لأن الدخول في هذه العقيدة يستند إلى الإيمان العقلي المستند إلى الحواس الخمس، والذي لا يدع مجالاً للشكوك في حقيقة وجود الله وفي أمر رسالته إلى الناس .
إلا أن هذه المطلب الأعظم وهو دين الله ورسالته، والحكم بما أنزل على سيدنا محمد r، وبالكيفية التي أورثها رسول الله r للمسلمين بعد وفاته في صورة دولة خلافة تحكم بما أنزل الله، أصبح هذا المطلب الأعظم للمسلمين مغيّباً، بل ولم يعد هو المطلب الأعظم، ولم يعد حتى المطلب الأدنى، أو لم يعد هو المطلب أصلاً، بل غلب على المسلمين المطلب الذي فرضته السعادة بالمفهوم الغربي، الذي يقول بأن يغرف المسلم من المتع الجسدية له ولأبنائه ما يشاء، تاركاً وراء ظهره المطالب الشرعية التي تأمره بطلب العلم الشرعي، والدعوة والعمل لأن يكون الحكم بما أنزل الله، والعمل على إنكار ما دون ذلك من الأحكام في عظائم الأمور أو سفاسفها .
ولقد تم الإخلال بهذا المطلب، وتم إحراف المسلمين عنه بفضل النجاح الباهر الذي سجله الحكام اليوم، الذين لا يحكمون بما أنزل الله، هم وأعوانهم من علماء السوء ومدرسي المدارس بكافة صفوفها، وبفضل دكاترة الجامعات والمثقفين العلمانيين (الكفار)، حيث نجحوا في إحراف المطلب أو إلغائه أو توجيهه عما ذكرنا في عقول أبنائنا، وفي عقول شبابنا وشيبنا ونسائنا .
فإن جئنا نستطلع المطلب في الحياة في عقول المسلمين اليوم، لما وجدنا إلا المطالب التي تتحدث عن بلوغ المناصب أو الشهادات العليا، أو تربية الأبناء لدخول الجامعة وحصولهم على الوظائف وتزويجهم، وتجميع الأموال وشراء الأراضي أو البيوت، أو إقامة المشاريع التجارية، وتوفير وسائل الترويح عن النفس بأشكالها وألوانها في البلاد السياحية المختلفة، حتى ينتهي مشهد المسلم بموتٍ هانيء في أحد الفلل أو القصور، أو حتى في أحد الدور، ولكن بعد أن يزفر زفرات الموت الأخيرة، وهو يفاخر للناس ويُشهدهم بما وفره لأبنائه وزوجه من خير، محققاً لنفسه ولهم كما يظن أعظم المطالب.
لذلك يجب أن يراجع المسلمون غايتهم من هذه الحياة، ويصححوا مطلبهم، ويعيدوا رسم أفعالهم وأقوالهم وحياتهم بما يتوافق مع المطلب الحقيقي، الذي يُنجيهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، كما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله محمد r .
قال الله تعالى في سورة هود 15-16
مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
وقال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء 19
وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا
عن سلسلة المعرفة
الحلقة الحادية عشر
الحلقة الحادية عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق